لغز لقاء البابا وعز قبل إعلان نتيجة المجمع الانتخابي

أثارت الزيارة التي قام بها المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني للبابا شنودة الثالث تساؤلات غير عادية داخل قطاعات عريضة من الأقباط في اطار الاستعدادات الحالية لانتخابات الشوري.. وطرح العديد من الشخصيات القبطية لاسمائها كمرشحين محتملين يسعون للفوز بثقة الحزب الوطني وخوض الانتخابات القادمة علي قوائمه..
وزاد من حدة التكهنات حول مدلول تلك الزيارة وما سيترتب عليها من نتائج انها تعد هي الأولي التي يقوم بها أمين تنظيم الحزب الوطني للمقر البابوي.. فضلا عن كونها قد تمت في توقيت غير مألوف علي الاطلاق بالنسبة للقاءات البابا.. حيث التقي البابا وأمين تنظيم الحزب الوطني في الساعة التاسعة من مساء الاثنين "3 مايو" الماضي.. وهو موعد متأخر نسبيا بالنسبة للمقر البابوي.. ونادرا ما يجري البابا لقاءات من هذا النوع في مثل هذا التوقيت.. حيث جرت العادة ان البابا يفضل اتمام مثل هذه اللقاءات في مواعيد مبكرة جدا من اليوم.. مع الأخذ في الاعتبار ان هذا اليوم شهد تدفق كافة مسئولي المجتمع والصحفيين ورجال الاعلام علي مسجد آل رشدان للقوات المسلحة لتقديم واجب العزاء للأمين العام للحزب صفوت الشريف في وفاة شقيقته.. وهو ما يشير إلي أن اختيار توقيت الزيارة لم يأت مصادفة.. بل تم تحديده بعناية للابتعاد بها عن عيون الصحفيين قدر المستطاع خاصة ان حضور هذا اللقاء اقتصر فقط علي سكرتارية البابا.. الانبا بطرس والأنبا يوأنس والأنبا أرميا بالاضافة إلي هاني عزيز عضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطني.
غير أن التجربة اثبتت ان شيئا لا يمكن أن يخفي داخل الكاتدرائية مع الاهتمام المتزايد بمتابعة شئون الأقباط من جانب الصحف.. ولم تكد تمر ساعة أو ربما أقل.. حتي تسرب الخبر وانطلقت معه موجة كاسحة من التساؤلات والتوقعات التي استحوذت علي اهتمام غير مسبوق وخاصة من جانب العناصر القبطية التي تسعي للفوز بمقعد في أي من مجلسي البرلمان القادم سواء بالانتخاب أو التعيين.
من جانبها حرصت قناة "سي تي في" المملوكة لرجل الأعمال ثروت باسيلي علي أن تؤكد وبعبارات واضحة جدا عقب استقبال البابا لأمين التنظيم ان هذا اللقاء لا علاقه له من قريب أو بعيد بترشيحات الحزب في انتخابات الشوري القادمة.
الدوائر المقربة من الكاتدرائية حاولت التمويه علي هذه الجزئية بالذات والقت بالكرة بعيدا ولفتت الأنظار إلي أن أحمد عز حاول ازالة سوء الفهم الذي احاط بزيارته لنائب نجع حمادي عبد الرحيم الغول.. وهي الزيارة التي أثارت استياء شديدا لدي الأقباط علي خلفية دور الغول في أحداث نجع حمادي وما تردد عن علاقته الوثيقة بالمجرم حمام الكموني.. مما دفع عددا كبيرا من شباب الأقباط لتنظيم مظاهرة يوم الأربعاء قبل الماضي للتنديد بالزيارة.
والعجيب ان قناة "سي تي في" حرصت علي نفي أي مدلول سياسي أو انتخابي لزيارة أحمد عز رغم ان مالكها وصاحبها ثروت باسيلي عضو مجلس الشوري بالتعيين يعد أحد الشخصيات المستفيدة بالقرب من البابا.. غير أن ثروت باسيلي ليس هو وحده المقرب من البابا.. بل ان هناك شخصيات أخري تحظي بتلك المكانة مثل الدكتورة جورجيت قليني عضو مجلس الشعب المعينة.. ووجدي لويس أنور عضو الشوري المعين.. وهناك أيضا نبيل لوقا بباوي عضو الشوري المعين الذي يحرص علي أن يمسك بالعصا من المنتصف في علاقته بالدولة والبابا من خلال الموضوعات التي يختارها مضمونا لرسائل الدكتوراه التي يناقشها بين الحين والآخر.. بالاضافة إلي حرصه بطبيعة الحال علي أن يكون البابا شنودة من أوائل المدعوين بين الحضور.. ورغم ان نبيل لوقا كان ضابط شرطة وقد لبي كل من البابا ومحافظ الإسكندرية دعوته أكثر من مرة.. وآخرها الرسالة التي ناقشها قبل أقل من عام ونصف العام إلا أنه لم ينجح في ازالة الخلاف الحالي بين البابا والمحافظ.
الأجواء التي سادت واعقبت زيارة أحمد عز للبابا كانت أكبر بكثير من أي محاولة للنفي أو تحويل الأنظار.. وربما تكون هذه الملابسات هي التي دفعت أيضا النائبة سيادة جريس الهامي عضو مجلس الشعب المعينة لزيارة البابا أيضا خلال الأيام الماضية.. وهي الزيارة المفاجئة التي أثارت بدورها العديد من علامات الاستفهام.. في إطار سعي عدد كبير من النواب الأقباط بالمجلسين للتقرب الواضح من المقر البابوي خلال الفترة الحالية والظهور بأدوار معينة.. عسي أن يشفع لهم هذا في إعادة تعيينهم مرة أخري.. والبقاء في المجالس الجديدة التي سيتم تشكيلها العام الحالي.
علي أي الأحوال هذه السطور لا تهدف إلي تقييم أداء النواب الأقباط لأن الحديث في هذا الأمر يطول شرحه.. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه علي كثير من المراقبين والمهتمين في ضوء لقاء البابا وعز.. هل يدخل الأقباط البرلمان من أبواب الكاتدرائية؟
ممدوح رمزي المحامي المعروف والذي أعلن مؤخرا عن تنصيبه رئيسا للحزب الدستوري الحر لا ينفي وجود هدف انتخابي وراء زيارة أمين التنظيم للبابا ويقول: بالتأكيد تمت مناقشة هذا الأمر لأن الأقباط كوتة انتخابية لا يستهان بها.. وبالتالي من مصلحة الحزب أن يستقطب الأقباط للتصويت لصالحه.. خاصة أن الحزب طرح خلال مجمعاته الانتخابية عددا من الاسماء القبطية.
اضاف: هناك تعتيم علي زيارة أحمد عز للبطريرك.. ولكن حسبما ورد إليّ فإنهم تحدثوا في كافة الأمور وخاصة قضية نجع حمادي.. وما ترتب عليها من احتجاجات داخل الكنيسة القبطية.. ولكن يبدو أن هناك اتفاقا علي عدم الادلاء بأي تصريحات خاصة بهذه الزيارة.. غير أن أحمد عز حرص علي أن يؤكد لقيادات الكنيسة انه تأثر كثيرا بحادث نجع حمادي.. وسعي لامتصاص الغضب القبطي الذي عبر عنه الشباب مساء الأربعاء قبل الماضي.
أكد ممدوح رمزي ان البابا لا يتدخل لدعم اسماء معينة.. وإنما يترك الترشيح للحزب الوطني.
واضاف قائلا: إن مثل هذا الأمر قد يحدث عند اختيار المعينين ولكن لا اتصور أن يحدث هذا في الترشيحات. أضف إلي ذلك أن الحديث عمن سيشملهم قرار التعيين لم يبدأ بعد.. لانه سيتم في ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات.. وهل سيحصل الأقباط فيها علي نسبة معقولة من مقاعد المجلس أم لا.
اشار إلي أن الأعضاء القدامي يحاولون ايضا طرح انفسهم لاعادة تعيينهم مرة أخري.. وهم قد يسعون لذلك من خلال دعم البابا لهم لدي القيادات السياسية والحزبية.
واستبعد ممدوح رمزي ان يكون طريق كل النواب الأقباط إلي البرلمان عبر بوابة الكاتدرائية.. وشدد علي أن القرار السياسي هو الأهم.. غير انه اعترف بأن نسبة محدودة من التعيينات قد تطرحها الكنيسة والباقي تختاره القيادة السياسية مباشرة من بين الناس.
اشار إلي انه في ظل إجراء الانتخابات بالنظام الفردي لن ينجح الأقباط خارج الحزب الوطني.. لأن الناخب المصري تحول بعد سنة 1952 من ناخب قومي إلي ناخب ديني وبالتالي يستحيل أن ينجح الأقباط بالانتخاب الفردي المباشر إلا عن طريق الحزب الوطني فقط دون غيره.
ومن جانبها نفت ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب وجود تنسيق بين البابا والحزب الوطني لطرح الأقباط في الانتخابات وقالت: ما لا يعرفه كثيرون ان البابا لا يتدخل ابدا في أي اختيارات وهو بعيد كل البعد عن ذلك لان هذه الأمور لها مرجعية سياسية.. والأقدر بها هم رجال السياسة والقائمون عليها.
واضافت: نحن نعيش في دولة مدنية.. والبابا يؤكد دائما اننا دولة مدنية ولا دخل لأي توجهات دينية في أي ترشيحات.. وأن اختيار الأقباط يخضع لاعتبارات كثيرة من بينها الأداء البرلماني.
اشارت إلي أن ترشيح الحزب الوطني للأقباط يعد وضعا طبيعيا.. ومن المحتمل أن يكون المهندس أحمد عز قد ابلغ البابا برقم معين لمن سيتم ترشيحهم من الأقباط.. ولكني استبعد تماما مثل هذا النقاش.. لأن من يتحدث في هذا الأمر لابد أن يكون قد شارك في اللقاء.. ولا مجال للتكهنات في هذه القضية الحساسة.. والبابا يحرص تماما علي هذا المعني.
أكدت أن مشاركة البابا السياسية تأتي من حقه أن يدلي بصوته كمواطن مصري وليس كرئيس للكنيسة.. وهو لا يعطي أي تعليمات ويحرص علي أن ينأي بالدين بعيدا عن السياسة.
** المحرر: أثناء الاعداد لهذا الموضوع حاولنا الاتصال أكثر من مرة بالمقر البابوي للحصول علي المعلومة من مصادرها.. وحتي نقطع أي مجال للشك باليقين رأينا أن نلجأ لأصحاب الشأن الأصليين كما تقضي بذلك قواعد العمل الصحفي..وكالعادة لم يرد الأنبا أرميا علي تليفونه المحمول رغم تكرار الاتصال به.
أما المهندس أحمد عز فكان تليفونه المحمول مغلقا تاركا رسالة صوتية تقول: "الرقم المطلوب مغلق.. اضغط رقم واحد لارسال ميني كول بسعر دقيقتك العادية".
وهذا للعلم بالشيء فقط.